وجدنا وثيقة بمقر جمعية قدماء الصادقية نهج دار الجلد بتونس مؤرخة يوم الأحد 12 فيفري 1950 تعلن عن انعقاد اجتماع حضره سعيد بن شعبان وصلاح الدين السلامي وعلي الشتيوي وفريد السداني وسعيد بن لطيفة.
وقد اتفق المجتمعون على عقد مأدبة في النصف الأول من شهر مارس لتحقيق ثلاثة أهداف أولها الدعاية في أوساط الشبان والهدف الثاني مناقشة برامج اللجان في متسع من الوقت أما الهدف الثالث فهو يتمثل في ضم جميع المشتركين في اجتماع واحد يمكنهم من الاتصال بعضهم ببعض.
وحدد برنامج العمل لهذه المأدبة كالتالي :
فتح اكتتاب لجمع المال اللازم
طبع مناشير لجلب الشبان عند تيسر الحال أو إرسال استدعاءات لمن يلمس فيه الإقبال على العمل
إقامة المأدبة تحت إشراف لجنة الدعاية
وقد أمضى هذه الوثيقة الرئيس وقد ألحق بهذا التقرير ملحق ينص على أن لجنة الدعاية لاحظت بروز إعلان على جريدة الرسالة فيه إعلام بوقوع الرحلة الثانية إلى دقة بتاريخ 12 فيفري وكلمة على الاجتماع السابق لذلك أوضحت الهيئة رغبتها من مختلف اللجان ألا يصدروا شيئا على الجرائد إلا عن طريقها.
وفي هذا الملحق طلبت الهيئة من اللجنة المسؤولة عن الثقافة ملخصا عن مناقشتها السابقة كما طلبت من كل اللجان تقرير عن كل ما تقرره . وقد سجلت الهيئة باستحسان تنويب رؤساء اللجان في الهيئة.
ويبدو أن رئيس الشبيبة في تلك الفترة أي سنة 1950 كان فريد السداني وقد عثرنا على وثيقة هي بمثابة تقرير عن اجتماع وقع يوم الخميس 16 فيفري حضره عدد وافر من الشباب عرف فيه فريد السداني بالشبيبة المدرسية وأعمالها في الماضي وما تعتزم القيام به في المستقبل . وتحدث عن لجان الشبيبة .
وقد حضر هذا الاجتماع : حمادي بن عمار والشاذلي زويتن والهاشمي وناس وعبد الجبار فضة وبوبكر داعة ومحمد بن عمار ومحمد المدب وحسونة درغوث وابراهيم غريب وصلاح الدين العلوي وصلاح الدين السلامي
ومما تقرر في هذا الاجتماع التزام العضو بوبكر داعة بكتابة موضوع باللغة العربية " الثقافة الحقة " والتزم عضو آخر تلخيص المناقشة التي وقعت في الاجتماع السابق يوم الأحد.
وتقرر أن يشارك محمد بن عمار في اللجنة الثقافية والرصاص في اللجنة الفنية.
كما اتفقت الهيئة على أن تنعقد الاجتماعات كل يوم خميس على الساعة الخامسة مساء.
ونشير أخيرا إلى أن رئيس الشبيبة سنة 1951 هو السيد الحبيب بولعراس
أصدرت الشبيبة المدرسية سنة 1958 نشرة شهرية مؤرخة بالسنة الأولى العدد الأول مارس 1958 وكان ثمنها خمسين فرنكا. وتعلمنا هذه النشرة أن الشبيبة المدرسية مازالت فرعا من قدماء الصادقية في تلك الفترة .
ويبدو أن إصدار هذه النشرة لم يكن عملا هينا خصوصا أن البلاد مازالت في بداية عهد الاستقلال نقرا في فاتحة هذه النشرة ما يلي: إننا نقدم بإصدار هذه النشرة على عمل عسير بعض العسر لكنه – كما نتوقع- عظيم الفائدة لشبابنا المثقف . وقد عزمنا أن نسخّر كل إمكانياتنا لنوفر لكل طالب وطالبة عنصرا هاما من المعرفة هو مساعدتهم في ميدان الفكر مساعدة تعينهم على... أنفسهم ووعي واجباتهم في عهدنا الجديد أولا وعلى التطلع الدائم إلى ما يحيط بهم ثانيا... وستكون هذه النشرة من الطلاب واليهم معبرة عن أفكارهم وإحساساتهم باحثة في صميم مشاكلهم فسننشر فيها آرائهم وأفكارا لهم تعالج مشاكل واقعهم الأدبي والفكري والاجتماعي.
بذلك تكون قد التزمت خدمة مجتمعنا الطالبي بكل صدق ونزاهة وعملت على ربط نشاط الشبيبة اليوم بنشاطها بالأمس...
وتبرز هذه السطور أن الشبيبة المدرسية أصبحت في هذه الفترة تؤطر الطلبة وتشرف على نشاطهم وقد وردت في النشرة كلمة أحد مؤسسي االشبيبة المدرسية وهو عزوز الرباعي وهذا نصها:
"الشبيبة المدرسية" ما ألذ هذا الاسم مهما كانت المناسبة التي تبلغ فيها إلى مسمعي رناته وتزداد هذه اللذة إذا قرن ذكر الشبيبة المدرسية بعمل ينوي الشباب القيام به تحت لوائها . إذ يثير هذا الذكر حنينا يعود بي إلى عهد لن أنساه ما حييت. فيه تكونت محبا لبلادي عاملا لصالحها وفيه اخترت سبيلي بهدي اخوة اكبر مني سنا أخلصوا للوطن وعزموا على انتهاج طريق الجد منذ الصغر ملبين في ذلك نداء صادرا عن أمة تهيب بفتيتها إلى إنقاذ مابقي من المجد والسيادة.
لست ارمي بكلمتي هذه أن اخط لكم طريقا معينة وان أتوجه بكم إلى قبلة ما. كلا، بل غايتي هي ربط يومكم الحاضر بالأمس حتى نرتاح نحن إلى أن المشعل لم يخب نوره وحتى تعتزموا أنتم بأنكم تواصلون سعيا استمد قوته من ثبات عتيد.
ولا أريد أن أوجهكم حتى لا تشعروا بضغط على طموحكم الفتي وأنا عالم بحساسية الشباب في هذا الميدان كل منيتي بمناسبة بروز هذه النشرة المباركة أن تكون ميدانا فسيحا تجول فيه قرائحكم حرة طليقة هدفها النمو والتطور. ويقيني إن سرتم أحرارا هكذا طموحين في أنفة واباء لا يشغلكم إلا حب الخير لبلادكم سوف توفقون حتما إلى تكوين أنفسكم تكوينا صحيحا سليما وتفتحون في وجه تونس مستقبلا نستطيع أن نطمئن إليه ونترقب منه الخير الكثير ففكروا شبانا واعلموا شبانا وأعدوا نفوسكم ومواهبكم وكافة إمكانياتكم إلى الغد البسام. ستجدون أنفسكم أكفاء برسالتكم مزودين لها بخير زاد.
وليكن لكم عبرة في إخوتكم الكبار الذين سبقوكم وفكروا كما تفكرون انتم اليوم. وطمحوا كطموحكم وسعوا صادقين حتى تبوؤوا أعلى مناصب المسؤولية لا لينعموا بالأرائك الوثيرة والمال الوفير بل ليتخذوا من الحكم أداة يحققون في صالح الشعب ما رجوه طويلا لوطنهم العزيز منذ الصغر فسيروا وثقوا من أنفسكم وامنوا بالفوز تفلحوا فالفلاح في انتظاركم والنصر قريب.
وقد قامت هيئة الشبيبة سنة 1958 بجملة من الأنشطة منها إرسال بعثة شبابية في عطلة الشتاء إلى مدينة طرابلس بليبيا للمشاركة في مخيم كشفي وقد ساهم المشاركون ببحث عن التعليم والثقافة في طرابلس نشر في المجلة التي أصدرتها الشبيبة.
كما نظمت الشبيبة فرقها الرياضية واقتنت لمكتبتها كثيرا من الكتب والمراجع الأدبية وعكفت على تكوين معمل صناعي يتدرب فيه الشباب على الأعمال اليدوية والفنية بصفة خاصة وقد أبلغت الهيئة المركزية للشبيبة منخر طيها بان كل من أراد الالتحاق بهذا المعمل يمكنه الاطلاع على البرامج في نادي الجمعية 13 بنهج دار الجلد بتونس .
وورد بنشرة الشبيبة المدرسية أيضا تقرير عن محاضرتين أساسيتين وقع إلقائها تحت إشراف الشبيبة وكانت الأولى بعنوان طبيعة الشعر ألقاها الأستاذ كوهين باللغة الفرنسية وكان يدرس بالمعهد العلوي أما المحاضرة الثانية فهي للأستاذ لنفراي وكان مدرسا بالمعهد الصادقي والملاحظ أن نشرة الشبيبة كانت تشمل على قسمين احدهما بالعربية والثاني بالفرنسية . ومن الأسماء المشاركة في هذه النشرة محمد عمران وعبد الحفيظ ين سلطانة والهادي ونيس وصالح الحمزاوي وبكير بن محمد وعلي الحداد ولطيفة.ن.
أصدرت الشبيبة المدرسية سنة 1959 نشرة مؤرخة بالسنة الثانية جانفي 1959 . وقد شارك في هذا العدد عدد من التلاميذ مثل الباوندي وابن سلطانة والفضيلي والمختار النيفر واستهلت هذه النشرة بالافتتاحية التالية أننا نؤمن بدون شك برسالتنا نحو هذا الجيل وهذه الأمة. ونبذل كل جهد للمشاركة في معركة البناء والتشييد مع قادتنا فنعبد بدورنا بعض الطرق التي تتصل بنا مباشرة وندعو كل الشباب للمشاركة بإبداء رأيه ومناقشة آراء غيره محاولين بذلك زيادة الإنتاج الثقافي والأدبي الذي نحن في حاجة إليه غير عابئين بإحجام الطلاب والتلامذة وانزوائهم حول أنفسهم خوفا من النقد أو من تحمل المسؤولية.
فان هذا العدد من السلسة الجديدة لهذا العام الجديد يبرر لك أيها الشاب أننا نشعر بمسؤوليتنا نحوك ونحو غيرك وقد فتحنا الباب على مصراعيه لنترك لك الحرية الكاملة لتدخل المعركة وتبث أفكارك وتتضافر الجهود ونتمكن من العمل معا لنكون قد أدينا بعض الدين وشيئا من الواجب. وقد رأينا أن هذا اشرف سلاح نأخذه جميعا لمكافحة العزلة والانفراد الذي يخيم على شبابنا فنبث في نفسه حب المغامرة ونبعده عن التهور وننتشله من الأحلام التي كادت أن تقضي عليه. وقد شجعنا ما لمسناه من بعض الإخوان من تحفز واندفاع نحو هذا الزاد الذي نضعه بين يديه ونحو المشاريع الهامة التجديدية التي يجدها في جمعيته التي عملت ومازالت تعمل لرقيه بالمساهمة في تيار البلاد ومسايرة تطويرها خصوصا ونحن أمام المشاكل الاجتماعية والثقافية وخيرها ولا بد للشاب أن يعطي وجهة نظره وان يتصل بأمته وإخوانه ولعل في ذلك فائدة له ولمن له لعيه حق . ومن المؤسف أن هذه النشرة لا تمدنا باي معطيات عن نشاط الهيئة سنة 1959 .
المكاتب الجهوية 