اتصل بنا خريطة الموقع مواقع مهمة الاستقبالاتصل بنا  
   
  Fr | Ag    
   
في إطار برنامج التعاون الثنائي بين تونس والصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا، تنظم الشبيبة المدرسية أياما تحسيسية وتوعوية لفائدة الشباب المدرسي في التثقيف الصحي حول السيدا ...التفاصيل

أفريل 2024
LuMaMeJeVeSaDi
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930




Global Fund


 


البعد الوطني في أنشطة الشبيبة المدرسية

البعد الوطني في أنشطة الشبيبة المدرسية

تجلى البعد الوطني في اغلب أنشطة الشبيبة المدرسية وهو شكل من أشكال مواجهة حضور المستعمر الفرنسي على الأرض التونسية وسعيه المتواصل إلى طمس مقومات الهوية التونسية العربية الإسلامية. وسنقف عند بعض التجليات التي برزت فيها الوطنية في أنشطة الشبيبة منها :
أولا : بمناسبة افتتاح إعمال الشبيبة المدرسية قررت هيئة قدماء الصادقية تنظيم حفلة شاي بمحل الجمعية بنهج دار الجلد وذلك يوم الأحد 10 جانفي 1937 واستدعت لحضور هذا الحفل وزير المعارف والشيخ جامع الزيتونة وشخصيات بارزة بمعاهد التعليم بتونس ورجال الصحافة وقد نشرت جريدة الزهرة تقريرا وافيا عن هذا الحدث فكتب على الصفحة الأولى وبالخط العريض : " جمعية قدماء الصادقية تحتفل بلجنة الشبيبة المدرسية " وهذا نص المقال :
" مساء يوم الأحد أقامت جمعية قدماء الصادقية حفل شاي رائقة بناديها احتفاء بافتتاح أعمال لجنتها " الشبيبة المدرسية" . وقد شرف هذا الحفل كل من جانب مدير العلوم والمعارف والفنون م. قو وفضيلة الشيخ صالح المالقي شيخ الجامع الأعظم وفروعه وم. لو كنت كاهية مدير المعارف ومدير المدرسة الصادقية والوطني الشهير الأستاذ الحبيب بورقيبة والحاكم النزيه الأستاذ محمد المالقي ونخبة من مدرسي ورجال الصحافة التونسيين وجمع غفير من الطلبة الزيتونيين والمدرسين. وبعد ما اخذ كل مقعده ودارت كؤوس الشاي وأطباق الحلويات وقف رئيس جمعية قدماء الصادقية الأستاذ محمد علي العنابي وألقى خطابا ضافيا ذكر فيه انه يحس بطرب كبير إذ يرى هذا العدد العظيم من الشبيبة الناهضة مجتمعة في هذا الحفل وأثنى بصفة خاصة على كل من جناب المدير مدير العلوم والمعارف وفضيلة الشيخ وقال أن جمعية قدماء الصادقية تمثل نخبة طيبة من نخب هذه البلاد تجمع بين الثقافتين وتحسن التفاهم باللغتين وان محل هذه الجمعية يدخله الزيتوني كما يدخله المدرسي فيستفيد كل منهما من صاحبه."
ثم تعرض إلى المسامرات الفلسفية التي تقع بهذه الجمعية وما تثمره من الفوائد الكثيرة … ثم وجه كلامه إلى الشبيبة المجتمعة في هذا الاحتفال فأثنى أولا على ما قاموا به سابقا من المسامرات والرحلات والمعارض الفنية المتنوعة وأشعرهم بأنهم أصبحوا لجنة من لجان جمعية قدماء الصادقية ليتسنى لهم بذلك الدخول في القانون العام وأشار إلى ما يجب على الكهول من منح الحرية إلى الشباب وتكليفهم بالأعمال المهمة مع الإشراف عليهم ومراقبة سيرهم . وختم الرئيس خطابه بقوله انه ينصح هذه الشبيبة الناضجة بإتباع ثلاثة مبادئ أصولية لا بد منها لكل امة لا تريد أن تموت وهي :
أولا الاتحاد التام .
ثانيا
استعمال الحرية المعطاة لهم في الموضع اللائق بتا.
ثالثا تنظيم أوقات الراحة حتى تستفيد منها العقول والأبدان وقد وعد الشبان بان جمعية القدماء ستجمع لهم كثيرا من وسائل التسلية المفيدة كما أهم المجلات التي تصدر بالعالمين الشرقي والغربي وتكون لهم مكتبة محتوية على أهم التصانيف وغير ذلك من وسائل الرياضة والتسلية وع منح كل عضو منهم تذكرة يتمكن بها من الحضور بالحفلات المسرحية والسينمائية بثمن زهيد. ثم تكلم مدير التعليم مبرزا أن فقر الميزانية التونسية يحول دون تعليم كل التونسيين ثم تكلم شيخ الجامع فرا انه لا فرقا بين الزيتوني والمدرسي ثم أحيلت الكلمة إلى الشاب التيجاني العنابي الذي عينه مجلس القدماء ليكون رئيسا مراقبا للجنة الشبيبة المدرسية فتقد قائلا انه لا يميل إلى كثرة الكلام وإنما ميل للعمل ولذلك فهو يقتصر على تلاوة النظام الداخلي الذي وقع سنه لهذه اللجنة. وتلى نظاما محكما احتوى على غاية الشبيبة ووسائل العمل وشروط العضوية في هذه اللجنة وتراتيبها ووظائف افراد مكتب اللجنة وكيفية انتخاباتها وانعقاد جلساتها وصورة العقوبات الأدبية بها وتشكيل اللجان الفرعية لها وتعيين عدد اجتماعاتها وتحمل صندوق القدماء بمصاريف هذه اللجنة بقرد الطاقة .
وبعد انتهائه اخذ الكلمة الأستاذ الحبيب بورقيبة بصفته احد أعضاء الجمعية وأجاب جناب مدير المعارف على ما ذكره على ضعف الميزانية بان ال40 ألف تلميذ مسلم ليسوا هم وحدهم الذين تصرف عليهم ال60 مليون المخصصة لميزانية إدارة المعارف بل هناك كثير غيرهم من أطفال العناصر الأجنبية . ولاحظ انه لا يستحسن الطريقة التي عرضها ويرى أن هناك طريقة أخرى غيرها هي الجديرة بالتنفيذ وهي الترخيص للمدارس القرآنية التي تحت يد الحكومة عدة مطالب في شانها والاستغناء عن جلب المدرسين من الخارج كما له انه ينبغ عدم تكليف إدارة الأشغال العمومية بمسألة البناءات اللازمة للمدارس بل تتكفل المجالس البلدية بها كما هو جار بغير هذا القطر وان المدارس القرآنية لا تكل الحكومة مصاريف كبيرة ثم قال أن الميزانية التي استطاعت إعطاء 28 مليون للموظفين في مقابل التعويض عن ما وقع تنقيصه لهم من بعض المنح الزائدة تستطيع القيام بمصاريف وهنا اعترضه مدير المعارف قائلا أن هذه المسالة حكومية وليست من متعلقات الموضوع ولذلك فهو لا يقبل الخوض إلا في المسالة الأصلية فأجابه الأستاذ بورقيبة ثم ترجم بنفسه خطابه إلى العربية واثر ذلك ختم العنابي هذا الاحتفال فشكر جمعية القدماء على اعتنائها بالشباب المدرسي ورجاء أن تبرهن هذه الشبيبة من جديد على نضجها الأدبي وان كان الشباب لم يشارك مباشرة في هذا الجدال الوطني فانه بلا شك تلقى درسا لا ينسى حول ضرورة الدفاع عن الحقوق الوطنية وكيفية التصدي لخطاب ممثلي الاستعمار الفرنسي . ولعله من تأثير مثل هذه الأنشطة عقدت الشبيبة المدرسية اجتماعا تاريخيا بسينما الفاريتي يوم 28 فيفري 1937 وخطب فيه عدة خطباء من التلاميذ منهم خميس الشامخ معمار الدخلاوي والصادق بسيس والرشيد ادريس وختم بتلاوة لائحة المطالب التي صادق الحاضرون على تقديمها لمبعوث الواجهة الشعبية إلى تونس م. فيانو.
كما حضر البعد الوطني أثناء استقبال الشبيبة المدرسية مبعوث جريدة فرنسية يسمى السهم " لافليش" وكان ذلك مساء السبت 27 مارس واسم هذا الصحفي رولان ميشال . وقد اكتظت القاعة بنخبة من الشباب المثقف وكان الرئيس غائبا فنابه الكاتب العام محمد الأمين الشابي في الترحيب بالضيف وقدم الضيف الذي جاء إلى تونس لإعداد ملف حولها بعض الأفكار حول التعليم والعراقيل التي يجدها الشاب التونسي ليواصل تعلمه واختتم الحفل ببعض القطع الموسيقية . وقبل فض الاجتماع قام الشاب المحرزي وبين للضيف مرامي الشبيبة والغاية من تأسيسها قائلا أنها تعمل من جهة لتهذيب الشبان وجمع شتاتهم حتى تتمتن روابط الإخوة بينهم ومن جهة أخرى تسعى لاطلاعهم أثناء العطلات المدرسية على بلادهم حتى يزدادوا تعلقا بها.
وإذا كانت الشبيبة المدرسية تخفي نسبيا غايتها الوطنية في الهيئات السابقة فإنها أضحت سنة 1937 تصدع بها من ذلك ما نشر بجريدة الزهرة يوم 27 مارس حول تعهد الشبيبة بنشر الثقافة القومية في الأوساط المدرسية بإعارة الكتب للشباب ويبدو أن الخط الوطني الذي التزمت به الشبيبة المدرسية قوي فتدعم اثر انفصال الشبيبة المدرية عن جمعية قدماء الصادقية ذلك أن هذه الأخيرة كانت تراقب أعمال الشباب ولا تسمح له بتجاوز بعض الخطوط الحمراء كانتقاد السلطة الفرنسية إلا أن الشباب الذي تمرد على الكهول والشيوخ والمحافظين أصبحت أهدافه المعلنة وطنية صريحة وهي :
1- رفع الأمية التي يتجرع الشعب من جرائها كؤوس الجهل الفتاك
2- توحيد صف الشباب المتعلم حتى يصير كالرجل الواحد ملتحما لا انصداع في واجهته
3- غرس المودة في قلوب الناشئة ليصبحوا بتواددهم وتحاببهم خلانا .
4- ترغيب النشئة المتعلم على الألعاب الرياضية والفنون المستظرفة
وهكذا نلاحظ أن الجانب الوطني الذي انشغلت به الشبيبة المدرسية كان يتمثل أساسا في نشر الثقافة الوطنية من خلال المحاضرات وتوفير الكتب والسعي إلى رفع غشاوة الجهل. ولا عل هذا الجانب الثقافي في النضال الوطني من اخطر جوانب مقاومة المستعمر لأنه يسمح بان لا تذوب الذات الوطنية وهويتها الإسلامية في هزيه المستعمر.