اتصل بنا خريطة الموقع مواقع مهمة الاستقبالاتصل بنا  
   
  Fr | Ag    
   
في إطار برنامج التعاون الثنائي بين تونس والصندوق العالمي لمكافحة السيدا والسل والملاريا، تنظم الشبيبة المدرسية أياما تحسيسية وتوعوية لفائدة الشباب المدرسي في التثقيف الصحي حول السيدا ...التفاصيل

مارس 2024
LuMaMeJeVeSaDi
123
45678910
11121314151617
18192021222324
25262728293031




Global Fund


 


تأسيس الشبيبة المدرسية : المرحلة الأولى

تأسيس الشبيبة المدرسية : المرحلة الأولى

يبدو أنه لا يوجد إجماع بين الباحثين والمؤرخين الذين اهتموا بتاريخ الحركات الشبابية في تونس الحديثة حول التاريخ الدقيق لتأسيس جمعية الشبيبة المدرسية.
أول تاريخ يقدم في هذا الشأن هو سنة 1929 فحسب عبد المجيد المسلاتي
يرجع تنظيم الشبيبة المدرسية إلى بداية سنة 1929 في نطاق جمعية قدماء الصادقية وذلك لاستحالة النشاط داخل المنظمات الشبابية وتنظيمات جماهرية مرخص أو غير مرخص فيها من فبل النظام الاستعماري الذي كان يطارد كل من تحوم حوله الشكوك بمساعيه لجمع صفوف الشباب وأفراد الشعب في تنظيم مهما كان نوعه وبذلك يكون الحصول على تأشيرة لبعث منظمة مدرسية أو شبابية أمرا مستحيلا فجاءت فكرة بعث منظمة مدرسية تظم التلاميذ في المعاهد الثانوية من خلال جمعية قدماء الصادقية التي كانت تمارس أنشطتها منذ زمن بعيد.
فكانت « النهضة المدرسية وهو الاسم الذي انبعثت به الشبيبة المدرسية في سنواتها الأولى كهيكل منبثق عن الجمعية الأم وعي جمعية قدماء الصادقية لتعتني بالتلاميذ الذين يزاولون تعلمهم بالمدرسة الصادقية ولتشمل بعد ذلك جميع التلاميذ وطلبة المعاهد والمدارس التعليم العالي ( جامع الزيتونة، مدرسة ترشيح) وقد كانت الفترة التي بدأت فكرة تكوين منظمة تلميذية تتميز بتلاحق الأحداث التي شهدتها الساحة السياسية والاجتماعية بالبلاد التونسية وبداية استفاقة أبناء الشعب .
والمحاولات المتعددة لرفع الكابوس فإنها وان كانت محاولات فردية وظرفية ينعدم فيها عنصر التنظيم وتوحيد الصفوف فإنها تجاوبت مع الأحداث مثل أحداث الجلاز وما انجر عنها من اصتطامات بين المواطنين والقوات الاستعمارية وحادثة « التراوماي »  ومقاطعة الأهالي له مدة طويلة احتجاجا على حادثة الجلاز إلى الأحداث السياسية الأخرى مثل تنحي الناصر باي عن العرش ثمة إشاعة تسميم الباي وثورة الأمير عبد الكريم الخطابي.
جمع كل هذه المستجدات على الساحة الوطنية كان تلاميذ مدرسة الصادقية يتجاوبون بكل وطنية معها ، فتنظم مظاهرات احتجاج ضد السلط الاستعمارية وتقام منابر حوار سرية يتدارس فيها التلاميذ وضعية البلاد والدور الذي يمكن أن تلعبه تحركاتهم. وبالمقابل كانت السلط الاستعمارية تواجه تحركات التلاميذ بالردع والقمع عن طريق les chasseurs وكان من أهم هذه التحركات السادة : محي الدين القليبي – الباهي الادغم – الطيب سليم- صالح بن يوسف وغيرهم من التلاميذ.
وانطلق نشاط الشبيبة المدرسية في 5 نوادي في العاصمة  أهمها النادي الرياض بباب سويقة ، وكان النشاط ينحصر في نشاط ثقافي وطني يتمثل أساسا في تنمية روح الوطنية لدى الشباب المدرسي بتلقينه أناشيد وطنية وتدريبه على كتابة الشعر والأناشيد وكان نشاط الشعر والأناشيد يتم بإشراف السيد الشاذلي خزندار. ومن أهم هذه الأشعار التي اشتهرت في ذلك الوقت " بلاد العرب أوطاني" كذلك كانت تنظم خلال شهر رمضان سهرات ثقافية كانت تقدم فيها للتلاميذ أكواب من الروزاطة باللونين الأحمر والأبيض رمزا للعلم التونسي .
أما الاجتماعات التي كانت تعقدها الإطارات المؤسسة للمنظمة فقد كانت تلتئم في أماكن مختلفة أهمها دكان الحلاق صالح عزيز الذي يوجد بالحلفاوين أو منزل أبناء الشابي بباب سعدون وأحيانا بالمساجد ، وخاصة يجامع صاحب الطابع بالحلفاوين.
وخلال سنة 1930 راجت إشاعة في البلاد حول اختيار البلاد التونسية كمقر لانعقاد المؤتمر الأفخاريستي بغاية النظر في قضايا عقائدية تهم الديانة المسيحية . وقد كان الاختيار لتونس كمقر لانعقاد هذا المؤتمر دلالة واضحة على عمل السلط الاستعمارية لتوطيد المسيحية بتونس وقد كان من هذه الممارسات تصدير زرابي تونسية تحمل صورا تنتمي للمسيحية ، كذلك بعث مدارس " للباباسات " أي المبشرين أي حث الفتيات التونسيات على تلقي تعليمهن فيها ، زد على ذلك تتدخل الكنيسة في شؤون السياسية والشؤون العامة مثل التدخل لحسم مخالفات حوادث مدينة صفاقس وطلب العفو لأعيان مدينة صفاقس الذي حكم عليهم القائد العسكري بالمدينة بالاعداع لرفض الأهالي دفع ضريبة الحرب وإعطائهم الأمان من قبل الكنيسة بصفاقس. كانت كل هذه المؤشرات تدعو للتأكيد على انتماء الأراضي التونسية للدين المسيحي الذي سارت عليه دماء المسحيين خلال حملة لويس 9 لنشر هذا الدين بالأراضي التونسية ، فكان انعقاد المؤتمر بها مؤشرا لوصولهم للهدف الذي رسمته الحملة الصليبية .
وفي نفس الوقت كان لاحتكاك الآباء البيض مع الأهالي لغاية تشكيكهم في المبادئ الإسلامية أثره السيئ في عقول بعض المفكرين التونسيين الذي كانوا يجالسونهم حتى أنهم تأثروا بأفكارهم مثل الطاهر الحداد الذي أعلن في منشوراته أنه لا يمانع في تلقي الفتاة التونسية العلم وشتى الفنون الأخرى بمدارس المبشرين .
وكان أول تحرك منظم قام به التلاميذ في نطاق المنظمة هو الاحتجاج على السلط الاستعمارية لتركيزها نصبا باب بحر ، ساحة النصر حاليا، يمثل ( الكاردينال لافيجوري) وهو يوجه الصليب الذي بيده نحو المدينة العتيقة كإشارة لزحزحة الإسلام وتركيز المسيحية في قلوب التونسيين. وكرد على هذا العمل قام بعض الأساتذة الوطنيين بترسيخ روح الوطنية لدى التلاميذ لمواجهة محاولة السلط الاستعمارية تنصير الشعب التونسي والقضاء على عقيدته الإسلامية، وقد أكد آنذاك المفكرون أن اختيار تونس لعقد المؤتمر الافخاريستي كان محاولة لتفكيك الوحدة الإسلامية بين أقطار الأمة العربية الإسلامية.
وقبل انعقاد المؤتمر الأفخاريستي قدم الى تونس وفد من التلاميذ من مدرسة الفنون التشكيلية بباريس فوقع تخصيص جناح بمدرسة الصادقية لإقامتهم فاستغل مناضلو النهضة المدرسية ذلك لإثارة التلاميذ مؤكدين لزملائهم أن التلاميذ اللذين سيقع إيوائهم بالمدرسة ليسوا سوى مشاركين في المؤتمر الافخاريستي وبذلك وحدت صفوف التلاميذ وانطلقت اول مظاهر الاضطرابات احتجاجا على تنظيم المؤتمر بتونس ولكن للأسف لم تجد هذه التحركات مساندة تذكر خاصة من طرف الحزب الدستوري القديم الذي لم يستغل هذه المناسبة لتحريك همم التونسيين وتوحيد صفوفهم لتصعيد الموقف فكانت بعض ردود الفعل الشعبية عفوية وتلقائية ضد تنظيم المؤتمر الافخاريستي بتونس.
أما إطارات الشبيبة المدرسية فانها واصلت العمل بتنظيم اجتماعات حضرها بالخصوص إضافة إلى المؤسسين عبد المهيري والهادي الشنوفي وذلك لإعداد لإحياء الذكرى 50 لانتصاب الحماية في 12 ماي 1931 ، ووقع التخطيط خلال هذه الاجتماعات للقيام بمظاهرات شاملة وممثلة لجميع المدارس والمعاهد ومدارس التعليم العالي وقد حضر الاجتماعات ممثلون عن جميع هذه المدارس وتمثلت الخطة في خروج أبناء الصادقية ومدارس جامع الهوى والتوفيقية وطلبة جامع الزيتونة لاقتحام معهد العوية في الساعة العاشرة صباحا والالتحام مع تلاميذها ( 100 تلميذ في ذلك العهد) ثم الزحف على معهد كانو والالتحام مع تلاميذه الذي كان يتزعمهم صالح بن يوسف وهو يمثل الشق الأول والسيد الطيب سليم الذي كان يمثل الشق الثاني . وقد قام بتخطيط هذه التحركات وضبط مراحلها السيد صالح البحوري ، وكان يوم 12 ماي 1931 يوم سبت ونجحت الخطة وقامت جموع التلاميذ بمظاهرات كبرى بأهم الشوارع ووقع اعتقال عدد كبير منهم في اليوم الموالي أي يوم الأحد، وتواصلت المظاهرات انطلاقا من الصادقية حيث خرج التلاميذ المقيمين الذين وقع احتجازهم بالمدرسة وقاموا بتغيير ملابس الدراسة الرسمية بغرفة صالح البحوري بوكالى نهج الباشا حتى لا يقع التعرف عليهم . وقد أعد التلاميذ لهذه العملية بإحضار كميات كبيرة من ملابسهم وقع جمعها بالغرفة المشار إليها.
كما أن المتظاهرين حملوا اللافتات المعادية للسلط الاستعمارية اعد بعضها التلاميذ بوسائلهم الخاصة وأعد البعض الآخر الحزب الشيوعي وقام السيد موسى الرويسي كذلك بتوفير مطبعة حجرية وكان يشغل خطة قيم بمدرسة الترشيح واستخرج التلاميذ بواسطتها بعض المناشير. وقد تواصلت المظاهرات مدة 15 يوما وتميزت بتخاذل الأولياء الذين قام بعضهم بإرغام أبنائهم على العودة إلى المعاهد ورغم ذلك استمرت الاضطرابات .
وليلة انعقاد المؤتمر الافخاريستي اجتمع بعض المناضلين على الساحة السياسية وقرروا الإضراب العام بالبلاد احتجاج على على عقد المؤتمر بتونس ولكن الاضراب فشل وتواصلت في نفس الوقت مظاهرات الشباب المدرسي وانتقل العديد منهم وتم تكوين لجنة ممثلة للتلاميذ والطلبة تتألف من 12 عضوا يمثلون جميع المؤسسات التربوية ضمانا لاستمرارية المقاومة وانضم إليهم بعض المفكرين وقام أعضاء هذه اللجنة بالاتصالات بالمحامين الوطنيين ليتولوا الدفاع عن المعتقلين ومع بعض أعيان البلاد. وقد كان أول لقاء للسيد الباهي الأدغم مع الزعيم بورقيبة في نهج المر اذ طلب التدخل للدفاع عن الموقوفين من التلاميذ.
وخلفت هذه الأحداث أيضا عقوبات ضد مجموعة من الشباب الصادقي الذي انحصرت فيهم المبادرة وهم المرحوم خميس الحجري والهادي الشنوفي والمرحوم عبد المهيري والباهي الادغم تمثلت في طردهم من مدرسة فاتصلوا بالدكتور محمود الماطري في مكتبه بنهج باب بنات فما كان منه إلا أن تحمس وحرك جمعية قدماء الصادقية ثم قابل بنفسه مدير العلوم والمعارف الفرنسي الذي نفى كل تدخل في قرار الطرد كما اتصل بمدير الصادقية المستشرق المعروف(ميرا) الذي تبرأ ياضا من العملية المدعية انها نتيجة عن اجماع مجلس الاساتذة . وقد توصل الدكتور الماطري بعد عناء إلى إرجاع المطرودين كخميس الحجري والباهي الدغم. وتوطدت العلاقة بين هؤلاء الشباب وبين الدكتور الماطري إلى أن تكرر الشغب بمناسبة الذكرى الخمسين لانتصاب الحماية سنة 1931 ، انتشر النضال فشمل تلاميذ المدرسة الفلاحية بسنجة فدخلت الجندرمة الفرنسية والقت القبض على المحركين من الطلاب ومن بينهم الحبيب المولهي وصلاح الدين عبد الله . واتصل الدكتور محمود الماطري بالمدير العام للفلاحة والاستعمار كانت تسمى آنذاك فتراجعت الإدارة في قرار الطرد . وفي هذه الفترة قام السيد الهادي نويرة الذي كان وقتها عضوا بشعبة سوسة بجمع بعض المال عم طريق التبرعات أرسله إلى الشبيبة المدرسية . وعين السيد البشير المهذبي أول أمين مال لها وقامت اللجنة بالتعاون مع موظفين سامين بالحكومة بمسعى أفضى إلى إتمام محاكمة استعجاليه للموقوفين من التلاميذ تمت بتسليط أحكام مؤجلة التنفيذ عليهم.
وكان من ابرز الموظفين الذين لعبوا دورا كبيرا في مؤازرة الشباب المدرسي السادة : علي البلهوان، صلاح الدين بوشوشة، محمد المحيرصي، ( صيدلي بحمام الانف حاليا)، وكان من بين المعتقلين محمد بن عبد القادر ، الدكتور الطاهر ابن عزالدين ، البشير الشابي، الطيب سليم، عبد المجيد الشابي، صالح بن يوسف.
واثر ذلك مباشرة أقرت شرعية النضال المدرسي ووقع انتخاب أول هيئة للنهضة المدرسة بعد اجتماعات متتالية للجنة بدار الشابي بنهج سوقي بالخير وتم الاجتماع التأسيسي الأول بمنزل السيد اسماعيل عزيز في 23 أفريل 1932 وحضر الاجتماع عدد كبير من التلاميذ وإطارات قدماء الصادقية وكان من بين الحاضرين البشير ياسين الذي قدم اثر ذلك تقريرا للسلط حول بعث المنظمة وأهدافها والأشخاص العاملين بها. ( هذا التقرير يوجد منه نسخة لدى السيد الباهي والأدغم).
وكان أول رئيس للمنظمة السيد محمد بن عبد القادر وأول كاتب عام لها السيد الباهي الأدغم ويمثل الحزب الشيوعي فيها السيد الحبيب مبارك إلى جانب إطارات أخرى تلميذية من المعاهد والمدارس الثانوية ومدارس التعليم العالي الأخرى. وقد بارك السيد المنجي سليم والدكتور أحمد بن ميلاد انبعاث المنظمة عن طريق برقية أرسلاها باسم جمعية طلبة شمال إفريقيا التي كانت تعمل من أجل وحدة الكفاح في المغرب العربي الكبير وكذلك عن طريق برقية أخرى وجهها الطالب عز الدين بن عثمان أصيل مدينة صفاقس والذي سافر إلى سوريا للدراسة والتعريف بالقضية التونسية وفي الأوساط الطلابية بالمشرق. وكانت أنشطة منظمة الشبيبة المدرسية تتمثل أساسا في رحلات دراسية ولقاءات وندوات ومنابر حوار جلها كانت في الظاهر ثقافية ولكن تدعو إلى تحريك الهمم والسواكن من اجل التحرك الوطني الثوري.
وفي تلك الفترة كان مصطفى الكعاك رئيسا لجمعية قدماء الصادقية والسيد محمد بوريشة أحد أعضائها وقد نظمت الشبيبة المدرسية اول رحلات إلى كل من قربص وزغوان وعين دراهم وطبرقة ومجاز الباب وكانت الهيئة المسيرة تحرص على تمثيل جميع التلاميذ في مختلف المعاهد والمؤسسات التربوية لربط عرى الصداقة والوحدة بينهم وتوحيد صفوفهم ، وكانت تجري انتخابات سنوية لاختيار هيئة جديدة وينص القانون الأساسي على ان العضوية لا تكون إلا لسنة واحدة. ومن الذين تولوا الكتابة علامة للجمعية في السنوات الأولى السادة : الصادق المقدم – محمد علي العنابي- ومحمد الأصرم ويخصص جزء من مداخيل المنظمة إلى جمعية طلبة شمال إفريقيا لمساعدتهم على القيام بنشاطها .
أما عن تغيير اسم المنظمة فقد تم ذلك اثر هيمنة الاتجاه الشيوعي عليها وعلى اتجاهها واثر تولي السيد محمد بورقيبة رئاسة جمعية قدماء الصادقية وقع تصحيح مسار منظمة النهضة المدرسية وتغير اسمها بالشبيبة المدرسية .