الشبيبة المدرسية في مرحلتها الحاسمة : المرحلة الثانية
الشبيبة المدرسية في مرحلتها الحاسمة : المرحلة الثانية
تأثرت إذا بالشبيبة المدرسية بالمستجدات على الساحة الوطنية وانطلقت باختيارات جديدة وبعمل ذي جدوى ونفع على المستويين النقابي والنضالي وعملت على ربط الاتصال بين كافة أفراد الشباب المدرسي التونسي المثقف.
وهكذا تم بعثها من جديد وجعلت فرعا كشأنها في المنطلق الأول لجمعية قدماء الصادقية وذلك في شهر افريل 1932 فشكل في ذلك الحين مجلس وقتي ثم تم انتخاب هيئة الشبيبة الأولى في جوان من السنة نفسها (1932) .
فقام بتطبيق قانون الشبيبة خير قيام . وأهم أهداف الشبيبة المدرسية هي تكوين الوحدة الفكرية بين الشبان المدرسيين وربط صلة التعارف بين كافة أفراد الشباب التونسي وهو الذي كان مفقودا قبل إنشاء هذه الجمعية المباركة ونشر اللغة والآداب العربية بين كافة أفراد الشباب لذلك كان قانون الشبيبة المدرسية يقتضي القاء مسامرات ( محاضرات ) والقيام برحلات وتأسيس مكتبة عربية للشبيبة المدرسية وطبع نشرة سنوية . كما أنها سعت إلى تربية وتنمية الإحساس الفني في نفوس الشبيبة بإقرار احتفال سنوي أطلق عليه " معرض الشبيبة " القصد منه عرض مصطنعات الفنانين من الشباب فسنوا بذلك سنة حميدة.
وفي يوم 3 ديسمبر 1933 عقدت الجلسة العامة بحضور كافة المشتركين في الجمعية الذين يبلغ عددهم 80 شابا وأسفرت النتيجة عن انتخاب الهيئة المسيرة للشبيبة المدرسية:
المجلس الإداري:
الصادق المقدم – ليسي كارنو: رئيس
محمد بكير – الصادقية : كاتب عام
الطيب العنابي – جامع الزيتونة – كاتب مساعد
محمود بن المفتي – ليسي كارنو: أمين مال
لجنة المسامرات والعمل:
عبد الحميد الخميري – مدرسة العطارين: عضو
الهادي المسنيري – مدرسة العلوي: عضو
محمد اللزام – مدرسة الصادقية : عضو
محمد المحرزي – ليسي كارنو: عضو
محمد الفاني – مدرسة العلوية : عضو
الرشيد ادريس – مدرسة الصادقية : عضو
عبد العزيز بن عمران – الصنايع : عضو
محمد الزغل – مدرسة العلوية: عضو
محمد غانم – مدرسة العوية : عضو
ومما ورد في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها السيد الصادق المقدم رئيس الشبيبة المدرسية في الجلسة العامة ما يلي: " أصبحت جمعيتنا أمرا مقررا عند جميع الناس وارتكزت دعائمها على أمتن الأسس وأخذت تتقدم إلى الامام سائرة في الطريق التي خطها لها مؤسسها وها هي الآن تطوي المرحلة الثانية من حياتها بعد أن جمعت شتات الشباب المدرسي والزيتوني والفت بين قلوبهم حتى صار بعضهم لبعض إخوانا . كانت المهمة صعبة والطريق مهولا لكن عاهدنا ضمائرنا بعد الله أن نسير إلى الامام نحو غايتنا المقدسة وضالتنا المنشودة ساخرين من كل ما تضعه أيدي العابثين في طريقنا من عقبات وعراقيل وها نحن في منتهى مرحلتنا نستعد لإرجاع الأمانة التي أنيطت بعهدتنا لاربابها على أحسن مما تسلمناها ولنا في ارتياح ضمائرنا أحسن دليل وأجمل حجة على ذلك ولم نتمكن من تذليل العقبات والانتصار على العراقيل إلا بفضل ما وجدناه من قوة في اتحاد الشباب المدرسي وعزيمته المهذبة وبفضل المساعدة التي مدنا بها مواطنونا الأفاضل. فلكل من أعاننا على القيام بمأموريتنا شكرا جميلا وثناء واخص بالشكر والثناء هيئة جمعية قدماء الصادقية التي كلفتنا في ظلها الظليل ومدتنا بالإعانة والنصائح الثمينة خصوصا رئيسها المقدار الأستاذ الطاهر صفر الذي كتب على صفحات أفئدتنا أجمل ما يكتب المرء لتخلد ذكراه.
هذا واني لواثق بأن شباب المعاهد العلمية التونسية سيلتف حول راية جمعيته هذه وليسير بها إلى الامام صفوفا منظمة بعزم ثابت وحتى تنبت من تلك النواة الصالحة التي زرعها أسلافهم شجرة يانعة أصلها ثابت وفروعها في السماء ، ولا أخال شعبنا الكريم الذي لم يبخل علينا بمعونته إلا حارسا لهذه الجمعية الفتية بعين العطف والعناية .
وقد عملت الشبيبة المدرسية على إعداد الشباب إعدادا وطنيا تربويا ثقافيا يمكنه من تحمل كل مسؤولية تناط بعهدته ، لذلك بادرت المنظمة إلى تكثيف المحاضرات في شتى المباحث والمواضيع ، ففي سنة 1934 ألقيت نيف وعشرون محاضرة الغاية منها تشريك الشباب في إبداء آرائهم حتى تتحاكك أفكارهم وتنتج ثمرة طيبة صالحة وقد حرصت المنظمة كل الحرص على تدريب الشباب على إلقائها فكانت كل المحاضرات التي القيت بقاعة الجمعية من قبل الشباب ولم يحاضر من الأساتذة تحت إشراف المنظمة الا الأستاذ الشاذلي خير الله والشاذلي الخلادي ، فقد قام الأول بمحاضرتين والثاني بمحاضرة واحدة ونظرا لضيق قاعة الجمعية فقد اكترت الهيئة قاعة الأفراح الكبرى بقصر الجمعيات الفرنساوية ويحضر المحاضرة الواحدة حوالي مائتي شخص من مختلف طبقات رجال الأدب بتونس. ومما يلاحظ أن من بينهم عددا غير قليل من فتياتنا المثقفات ، كما ألقى الأستاذ ( سيرج بريزي) الفيلسوف البلجيكي محاضرة موضوعها ( مأمورية المرأة في المجتمع ) ، وقد فكرت الهيئة في ابتكار نوع طريف من أنواع نشر الأدب وذلك بإلقاء المحاضرة في نوادي ضواحي العاصمة فكانت محاضرة الشاذلي ثامر عن معروف الرصافي الخطوة الأولى وقد ألقيت بنادي العمران.
وقد استقبل الشباب المدرسي السيد محمد المالقي رئيس محكمة الاستئناف وعضو مجلس جمعية قدماء الصادقية . كما سعت الشبيبة المدرسية التونسية أن تبين للشباب المعجب بالغرب وآدابه وعاداته وتقاليده أن النجاح والخلاص لا يكون الا بالعودة إلى تاريخ الحضارة العربية وآمالها، لذلك ركزت المحاضرات الاجتماعية وفي ما يلي قائمة بعض المحاضرات وأصحابها وتواريخ إلقائها.
المسامر
( المحاضر)
الموضوع
اللغة
التاريخ
العربي الكسوري
تاريخ سينا الحسيني
عربية
17/12/1934
الطيب العنابي
نحن والعادات
عربية
24/12/1934
محمود العقبي
الشبيبة في المجتمع الحالي
فرنسية
31/12/1933
الشاذلي ثامر
معروف الرصافي
عربية
1/1/1934
البشيرالجعايبي
الزواج المشترك
عربية
13/1/1934
البشير بن يوسف
حكمة تعدد الأحكام الشرعية الى 5
عربية
28/1/1934
الشاذلي خير الله
بحث في كتاب اتيان رود
فرنسية
2/2/1934
قصي المكي
البؤس المادي والتسلية الأدبية
فرنسية
11/2/1934
علي ساقصلي
الكشافة
عربية
18/2/1934
الشاذلي الخلادي
الحضارة العربية
فرنسية
23/2/1934
الشاذلي خير الله
نفسية اليابان
فرنسية
9/3/1934
رشيد ادريس
الجاخظ
عربية
11/3/1934
بلقاسم عمامو
الشباب والعمل
فرنسية
18/3/1934
فريد بورقيبة
الخنساء شاعرة العرب
عربية
15/4/1934
الصادق حمادة
أحمد شوقي بك
عربية
22/4/1934
رشيد ادريس
المعركة بين الحديث والقديم
عربية
29/4/1934
مصطفى بن اسماعيل
سيدنا أبو بكر الصديق
عربية
6/5/1934
قصي المكي
تونس خلال التاريخ
فرنسية
13/5/1934
مصطفى بن اسماعيل
موليار الكاتب الفرنسي
فرنسية
20/5/1934
سيرج بريزي
المرأة في المجتمع الحالي
فرنسية
6/6/1934
الطيب العنابي
حياة النبي العربي الكريم
عربية
24/6/1934
علي البلهوان
اراء الكاتب اندري جيد
فرنسية
3/8/1934
محود المسعدي
مكان ابن خلدون في المؤرخين
عربية
27/8/1934
الرشيد ادريس
التاريخ ونفوذه على النفوس
عربية
29/10/1934
مصطفى بن اسماعيل
بعض الاراء عن مونتسكيو
فرنسية
4/11/1934
الطيب العنابي
المنفلوطي
عربية
18/11/1934
وفي نفس السنة أقامت الشبيبة المدرسية حفلة تأبين للشاعر التونسي الكبير أبي القاسم الشابي فنظمت يوم الأحد 21 أكتوبر1934 لقاءا أدبيا كبيرا أشرف عليه الدكتور الصادق المقدم رئيس جمعية وتناول فيه عدد كبير من الأدباء الكلمة فعددوا مناقب شاعرنا الكبير وفضله ومزاياه على الأدب التونسي كان من بينهم السادة محمد العريبي ومصطفى خريف ومحمود بورقيبة ومفدي زكرياء الشاعر الجزائري الكبير.
كما شجعت المنظمة الشباب المدرسي على الإنتاج الأدبي من خلال النشرات التي كانت تصدر. وهذا الشباب الرشيد ادريس مثلا تنشر له خصوصا قصيدة بعنوان "تحية" رغم ما فيها من ضعف في التركيب يتعذر عليه تفاديه خصوصا وهو في عهدة الفتوة، يقول في مطلعها :
تحية كيف لا أهدي التحية للشبيبة المدرسية
وهي رمز للنهوض بالبلاد التونسية
وهي تدعو للعلوم بالأناشيد الزكية
وهي تسعى للوئام بين أفراد الفتية
كما اتجهت عناية الشبيبة المدرسية إلى تكوين مكتبة لها وعهدت إلى السيد الخميري مسؤولية السهر عليها وحفظها وكانت تشمل عند انطلاقها على حوالي 180 كتابا .
المعارض المدرسية :
أقامت المنظمة المعرض الثاني للشبيبة المدرسية سنة 1934 وقد شارك فيه نحو 20 فنانا من الشباب المدرسي النشيط وقد احتوى هذا المعرض على 220 لوحة فنية وبضعة تماثيل من الجبس وقد حرص التونسيون على شراء كثير من اللوحات الفنية تشجيعا منهم لهؤلاء الشباب كان في مقدمتهم الأستاذ الطاهر صفر المحامي والحكيم احمد بن ميلاد والتاجر المعروف عبد العزيز سلامة ودام العرض شهرا كاملا.
الرحلات:
أما الرحلات التي تروح عن الشباب وتعرفهم ببلادهم وتدعم صلة التعارف والتحابب بينهم فقد تمت على النسق التالي:
رحلة إلى الحمامات وقربص في عطلة عيد الفطر سنة 1934 بقيادة محمد بكير
رحلة إلى الساحل بقيادة الطيب العنابي بمناسبة عيد الأضحى انطلقت من تونس يوم الثلاثاء 27 مارس 1934 وقد شملت القيروان والمهدية وقصور الساف والجم ، وقد رافق الشبان لهذه الرحلة الأستاذ المؤرخ حسن حسني عبد الوهاب والأستاذ المحامي الطيب الغشام.
أما الرحلة الثالثة فكانت إلى باجة مررا بمجاز الباب وتستور بقيادة فريد بورقيبة
وكانت الرحلة الترفيهية والاستطلاعية الرابعة الى مصطاف حمام الأنف في جوان 1934 بقيادة الرشيد إدريس.
اقتبالات الشبيبة المدرسية:
سعيا وراء التعريف بأنشطة الشباب المدرسي خارج الوطن وداخل استقبلت الشبيبة المدرسية في شهر ديسمبر 1933 العالم والكاتب الفرنسي الذائع الصيت ( م. ليك ديرتان) وبصحبته حرمه ومعها مضيفتها مدام فيشي رئيسة جمعية الاتحاد النسائي للسلم والحرية المعروفة في الأوساط التونسية وزوجها م. فيشي وأقامت لهم الشبيبة حفلة شاي لطيفة خطب على اثرها م . ليك ديرتان عن دور الشبيبة في المجتمع. وقد أجابه رئيس الشبيبة المدرسية بخطاب لطيف وقد ابدى السيد ديرتان إعجابه بمجهودات الشبيبة المدرسية النشيطة وتمنى لها مستقبلا زاهرا إذ سارت على المنهج الحميد الذي ضبطته لنفسها وختمت الحفلة بقطع فنية أداها بعض الشبان وبقطع موسيقية عزفها الفنان الكبير أستاذ الشبيبة السيد غانم على آلة الرباب .
كما استقبلت الشبيبة المدرسية أعضاء طلبة شمال إفريقيا المسلمين بفرنسا على اثر انعقاد المؤتمر بتونس فأقامت الجمعية للضيوف حفلة شاي أيضا وبع التسامر تبادلت الكلمات والقصائد من طرف السادة الصادق المقدم والدكتور احمد بن ميلاد والشيخ السعيد الزاهري من الجزائر والرشيد إدريس ومفدي زكرياء (الجزائر ) الطيب العنابي.